مقالات 4 أشهر مضت

الشأن الفكري وشباب الحركات الإسلامية: شباب حمس نموذجا

يستهل الأستاذ محمد كمال الدين مادوي حديثه عن ” الشأن الفكري وشباب الحركات الإسلامية: شباب حمس نموذجا” بأربع مقدمات أساسية في محاولته الوقوف على نموذج تفسيري وفعال للعلاقة المركبة بين الشأن الفكري وشباب الحركة الإسلامية اليوم:
🔹مقدمة رغبوية غائية، تحركها الرغبة في أن يكون شأن الاشتباك مع الشأن الفكري غير محكوم كليا بالعزوف، إذ قد يكون هناك إقبال لا نفهمه ولا نقارب أدواته.
🔹مقدمة تتعلق بالأرضية التي انطلق منها في البحث بكونه أحد المنتمين لحركة مجتمع السلم وأحد أبنائها والمشتغلين فيها، الذين أرادوا أن يتمثلوا “باب تقديم العلم على القول والعمل” ويستحضروا هذا في نقدهم لتجربتهم من الداخل.
🔹مقدمة ثالثة لها ارتباط بالحضور، إذ أن الاهتمام بواقع هذه الحركات والتنظيمات حتى من خارجها هو ما ينبغي أن يُفكر فيه للمساعدة على تقويمها ونقدها.
🔹مقدمة أخيرة تنطلق من تجربة تقدم سؤال “كيف” على سؤال “لماذا”.. وتسائل طريقة الانشغال الفكري لدى الشريحة المدروسة، صورها، ومظاهرها ومدى ارتباطها بالدور المنوط بها، ثم أشار إلى أنّ الجدل القائم بين منطق الفكر ومنطق العمل في الحركات الإسلامية قديم قدم نشأتها بسبب ما تمثله من استجابة دائمة، داخلية وخارجية لأزمات الأمة، حملت في بدايتها عنوان الاستئناف وإحياء فكرة الخلافة الإسلامية.. ثم تفاعلت مع مشروع الحداثة الغربي وإفرازاته تفاعلا تميّز بالمفاصلة والقطيعة أولا، ثم القبول ببعض تمثلاته تاليا في عبور ألقى بظلاله على عقول المنتسبين إلى هذه الحركات، وساھم في تحولات عمیقة وثغرات مفصلیة في نموذجھا المعرفي.
▫️ وكما أن دراسة شباب الحركة الإسلامية في الجزائر مرتبط بالسياق العام للحركات الإسلامية فإنّها ترتبط كذلك بسياق تجارب الحركة الإصلاحية الوطنية انتماءً وامتدادًا.. ومن هنا نفذ لموضوع هذه الورقة البحثية: كيف يتفاعل شباب الحركات الاسلامية مع الشأن الفكري: شباب حمس نموذجا وذلك بالتركيز على محاور خمس في مقاربة تحليلية تعتمد الكيف على الكم وتستند إلى التجربة الميدانية داخل هذه الحركات:
1️⃣ – فهم الأطر المعرفية والتنظيمية التي تساهم في تشكيل شخصية الشاب الحركي الحمسي:
🔹تتفاعل الحركة كباقي التنظيمات الاجتماعية مع المجتمع مضيفة إلى واقعه العام مساحة لتداول الأفكار وتفعيلها، وتختار المنتسبين إليها من خلال مبدأي الدمج والإقصاء أي الانفتاح على أكبر عدد ثم اختيار من يتوافق مع مشروعها.
🔹تتميز الحركة بدمج عضوي بين بنيتها التربوية الفكرية وبنيتها المؤسسية التنظيمية وهذا ما يساعدها على تعزيز انتماءات أفرادها وتشكيل هوياتهم وانسجامهم مع هيكل الحركة العام، ويفضي إلى مستويات عضوية متعددة مرتبطة ببرامج معرفية مختلفة.
🔹تصورات أبناء الحركة عن القيادة كونها حالة دمج بين سلطة معرفية و تنظيمية تتمتع بصلاحية واسعة في تحديد الأهداف وبناء التصورات وهذا ملاحظ من خلال محورية دور القائد الأول في الحركة.
2️⃣ – رسم معالم الشخصية الحمسية الهوية والهويات الفرعية:
اعتمد كمال الدين على أطروحة خليل عناني عن الهوية، موضّحا أن الهوية الاجتماعية تتشكل من خلال الفعل الإرادي المنظم الذي يشترك مع الأحداث ويظهر خلال الصراع فهي ليست معطى أو جوهر ذاتي ووجود حقيقي وإنما يتم بناؤها اجتماعيا وهي انعكاس لعدد من العمليات والتفاعلات التي تحدث داخل الحركات الاجتماعية.
وبانقاله لرصد ذلك من داخل حركة مجتمع السلم مع الالتفات إلى العمل التجديدي في البنية التنظيمية التي تحاول الحركة القيام به عبر ما يعرف بالتمييز الوظيفي حاول رصد معالم شخصية الشاب الحمسي اليوم في ملامح خمس:
• متعددة الھویات حدا یصل أحیانا للاضطراب والتناقض.
• شباب له القدرة على الانفتاح والتواصل.
• أقل التزاما وأقرب تفضيلا للاختيارات الشخصية.
• متجاوز للكثير من التقييدات التنظيمية.
• مشوش الرؤية فيما يتعلق بغاياته، مزعزع اليقين في السرديات الحركية التي يعمل بداخلها.
3️⃣ – اللحظات التاريخية وتأثيرها على الحركات الاسلامية : اختار كمال الدين ثلاث لحظات مؤثرة لها ظلالها وتأثيرها على الحركات الاسلامية في الجزائر:
• لحظة الانفتاح السياسي في الجزائر باعتبارها لحظة ولادة مجتمع السلم.
• لحظة رابعة وما تمثله من لحظة فارقة في التجربة الإسلامية.
• لحظة حراك 22 فيفري وهي لحظة فاصلة في النسيج. الاجتماعي عموما والحركي خصوصا.
وخرج بملاحظات عدة أهمها:
🔸غلبة المنطق التشغيلي على عمل الشباب وتناقض ذلك مع طبيعة اللحظات الكبرى والتغيرات المفاجئة، كذلك يلاحظ نوع من الانكفاء على التجربة المحلية مع زهد في مقاربة التجارب الأخرى بشكل دقيق وعميق، إضافة إلى ابتعادهم عن منطق المغامرة وتفضيلهم المساحات الآمنة والعملية وذلك ما ترسخ من لحظة الوجود الأولى في ظل العشرية السوداء، غياب مؤسسة سياسية تستوعب الشباب الحمسي وتؤهلهم للاشتباك المعرفي والعملي مع الراهن والتفاعل والتعاون مع مختلف تشكيلات المجتمع.
4⃣ – مواضيع المركز ومواضيع الهامش:
فكرة الدمج بين البنية التنظيمية والفكرية يجعل النقد الذي يأتي متسقاً مع هذه البنية مقبولا وضمن المجال التداولي داخل هذه الحركات عكس ما كان غير ذلك، ولعل هذا ما يحدد بشكل أكبر مواضيع المركز والهامش داخلها
5⃣ – المشاريع الفكرية ضمن نطاق هذه الحركات:
تتمثل هذه المشاريع ابتداءً في تجارب الشخصيات التي تعاقبت على قيادة الحركة في الجزائر بدء من الشيخ محفوظ نحناح، إضافة للكثير من مشاريع التي ولدت من داخل هذه الحركة أو بتأسيس من قياداتها، وكيف تفاعلت مع البنية التنظيمية إذ أنّها لا تقارب دائما مقاربة معرفية بحتة بل مقاربة سياسية سلطوية، كما يمكن ملاحظة أن المؤسسات من خارج الإطار التنظيمي هي أقل قدرة على التأثير على المجال التداولي داخل هذه الحركات، ومن العوامل التي تجعلها أكثر تأثيرا وتداولا طبيعة اشتغالاتها الفكرية، وفرق التعاطي مع المشاريع التي تركز على الجانب القيمي وأدبيات الحركة شرحا ونشرا وتلك التي تشتغل بالنقد الذاتي ومساحات قد تخاصم المنطق التشغيلي واضح ومعلوم.

🔸 ختاما، يطرح أ. كمال الدين إشارات إلى بعض الحلول يعتبر أهمها: أن تنظر هذه الحركات باهتمام إلى الدور الفكري وتسبق منطق العلم قبل العمل وتدرس تأثير هذا على بنيتها التنظيمية، وتعمل على استيعاب ذلك إما بحلول عبقرية من داخلها، أو بالتعاون والاشتباك مع المشاريع مما هو موجود خارجها، لأننا لا نستطيع التحرك في المجال العام بدون الانشغال الحقيقي بالشأن الفكري كما أنه لا نستطيع أن نتجاوز ما تقدمه هذه الحركات والتنظيمات من أسانيد وروافع للوصول إلى مجال تداولي أوسع ومساحات تأثير أكبر.

mohamedbml28@gmail.com

مقالات أخرى

لا توجد تعليقات بعد

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *