منذ 6 أشهر مضت 1 دقيقة للقراءة

تعقيبات الجلسة الثالثة

 تعقيبات الأساتذة حول الجلسة الثالثة “الشأن الفكري في المجتمعات الحديثة” مع بعض ملاحظات المداخلين على التساؤلات المطروحة:
🔸️افتتح التعقيب الدكتور عمار جيدل بتعبيره: “أنا لا أريد التواجد (أي الطرب بما يسمع)، لا يبكي إلا من كان حيا، فالبكاء علامة على الحياة وعلامة على الألم وكذا الأمل في المستقبل، وعندما تحين لحظة البكاء ثم لا تبكي فهذه مشكلة كبيرة في استشعار ما ينتظره المجتمع منك” وأشار إلى صعوبة طرح مثل هذا المحتوى الفكري في جلسة مسائية.
▫️صرح الدكتور بضرورة تحديد نمط ونوعية الدراسة في المداخلات الثلاثة، هل هي دراسات نظرية، أم وصفية أم ميدانية أم دراسات عينة؟ وذلك لمعرفة زوايا التقييم، فطبيعة الدراسة داخلة ضمن معايير التقييم.
▫️ومعقبا على مداخلة الإدمان وتأثيره على قدرات الفرد، أشار الدكتور إلى ضرورة ضبط المصطلحات التي يكون عليها مدار الدراسة: ما المقصود بالقدرات، هل هي القدرات الإدراكية أم القدرات الفكرية للفرد؟ وذات الملاحظة بالنسبة لصاحب المداخلة الأولى: أي إنسان وأي هامش؟ الفردانية التي يكوِّن الإنسان بناء على حريته؟
▫️وفي الحديث عن العولمة والتي وصفها بالجبرية الجديدة (وذلك في مقال نشره في بغداد عام ٢٠٠٣ بعنوان العولمة جبرية جديدة) ومحاولتها نمذجة العالم، تسائل عن الطور الذي نحن فيه الآن: هل هو طور مقاومة؟ أم طور تكيف؟ وإذا كان طور تكيف فماهي مقتضياته؟ وماهي مستوياته “مستوى مقاصدي أم وسائلي”؟ وكيف السبيل إلى الدخول في هاته السياقات التي يفرضها الغرب دون صدام معه ومع المحافظة على خصوصيتك؟
▫️تعقيبا على المداخلة الثانية “الاهتمام بالشأن الفكري والصناعة الإعلامية” أشار إلى أهمية الأخذ بسننية التغيير وفق الشروط الزمنية حتى لا نصطدم بجدار الواقع، فلا يمكن أن يطلب الإنسان الكل في وقت لايمكن أن يحقق فيه الكل، فبالحديث عن الإعلام والإكراهات الفكرية قال: “نحن نثمن الموجود ونطلب المفقود بتلطف” أي دون اِصطدام بالقوة المزاحمة وذلك ليس من باب الخوف ولكن حفاظا على الفعالية الاجتماعية وتحريرا لمساحة إضافية للفعل، حتى نحافظ على الفكرة حية في الضمير الجمعي “غرس فسيلة في الوقت الصحيح والمكان الصحيح”.
———————————————————–
🔸️من جهته، أشار الأستاذ أحمد بن يغزر إلى وجود نغمة حاضرة بقوة في طرح أصحاب المداخلات الثلاثة وهو محاولة القول بطريقة غير مباشرة أن هناك عقلا ما موجود في مكان ما يخطط لهذا العالم أو بتعبير آخر الإشارة إلى نظرية المؤامرة، وأضاف موضحا أنه لا ينفي هاته النظرية ولكنه يسائِل المُداخلين:
🔹هل الواقع الذي نعيشه اليوم هو نتاج طبيعي لتحول فكري واِجتماعي يشهده العالم أم أن الواقع هو نتاج تخطيط أناس وهم الآن بصدد تنفيذه على أرض الواقع؟ وإذا كان الأمر كذلك فماهي قدرتنا على التفاعل معه إذا كان لا يمكننا أن نتصادم معه؟
🔹ثم ماهو شكل هذه القوة؟ هل هي هرمية أي أن هناك قوة مركزية تنمذج وتحرك الباقي في الاتجاهات التي تريد؟ أم أن الأمر هو تدافع أفقي حيث الكل في نفس المكانة مع اختلاف منسوب القوة بينهم، وهذا التدافع يعطي للبعض قدرة على صناعة الصورة والإدراك ومجال مختلف عن الطرف الثاني؟
▫️ثم أشار الأستاذ بن يغزر إلى مسألة المتاح باِستدراكه ثم محاولة توسيعه ضمن محاولات التغيير التي يشهدها العالم، وكذا إلى فكرة حساب تكلفة التغيير وبيَّن أنّها أعلى وأغلى وأقسى من التغيير ذاته :
🔹فهل في هته الحالة يفضل ألاّ نذهب إلى التغيير في حد ذاته مباشرة في محاولة مواجهة هذا المد بتكلفة مرتفعة جدا أي الاكتفاء بالتغيير الجزئي في انتظار اكتمال القدرة الفعلية والذاتية على إحداث التغيير الكامل؟
▫️وتلخيصًا لكلامه أعاد الأستاذ سؤال الباحثين حول رأيهم في مسألة القوة العالمية غير المرئية التي نحس بوجودها نوعا ما والتي تسعى لنمذجة العالم في مختلف الجوانب “الإعلام، الرقميات، الخوارزميات”؟
🔸️ليبتدأ بعد ذلك، الدكتور نور الدين بكيس تعقيبه بسؤال وجَّهَه إلى الجمهور حول أيهما أكثر راتبا الطبيب أم لاعب كرة القدم؟ لينطلق من هذا التساؤل في نقده لمنطلق دراسة الباحثين و المسلَّمات المسبقة التي انطلقوا منها في إعداد أوراقهم البحثية، حيث بيَّن أنَّ الأفكار المطروحة جذابة إلا أنّها تفتقد للبناء وللمسار التجريبي الصحيح الذي ينطلق من الواقع والذي هو بحد تعبيره واقع غير شفاف يحتاج إلى البحث والتحقق.
▫️انتقد الدّكتور التّسليم بفكرة أنّ المشاهدة إعجاب، وبيّن أن المشاهدة تمتاز بالتنوع وكثيرٌ منها دافِعُه الفضول بالإضافة إلى الانتقادات الكثيرة التي نجدها في محتويات ذات مشاهدات عالية، ليصل بعد ذلك إلى فكرة أن المجتمعات ليست مسلوبة الإرادة وأنها حاضرة وتمارس انتقائية ونقداً على المنتوج الذي يعرض لها، حيث أننا نجد المجتمعات في المدن الكبرى في الجزائر هي مجتمعات محافظة الكثير منها لا يزال يحتفظ بثقافته التقليدية ولم ينصهر في النموذج الغربي الذي يطرح عليه.
🔹ومنه ركّز على أن المطلوب منا هو نوع من إعادة المراجعات وتدعيم الذوق الاجتماعي الهادف الذي يصنع المحتوى وإعطائه قوة ووسائل من أجل المنافسة والتجاوب وليس دورنا هو  ممارسة الوصاية على المجتمع الغائب عن ساحة الفعل.
🔹نبّه الدكتور، كذلك، إلى ضرورة  التجرد من الذاتية لممارسة البحث “التخلص من قبعة المناضل العصامي الذي يريد الدفاع عن مشروعه”، فلا ينتقي الباحث الأفكار التي تثير إعجابه، أو ينطلق من النتائج المراد الوصول إليها للدخول في موضوع الدراسة وفقاً لذلك، وإنّما على الباحث أن يتَّبِع منهجية معينة في البحث العلمي تنطلق من اكتشاف ومعرفة الواقع على حقيقته رغم صعوبة العملية وذلك لتضييق وتقليل مساحات الخطأ للوصول إلى جزء من الحقيقة وحتى لا تكون المساهمات الناتجة مجرد ردود أفعال للدفاع عن مقدسات لا مبادرات منظمة.
▫️ختم الدكتور كلامه بمجموعة من التساؤلات حول العوامل التي جعلت المثقف الشبكي أقوى وأكثر تأثيرا من المثقف الأكاديمي؟ هل المشكل يتعلق فقط بالمتلقي وأنه يمتاز بهذا القدر من اللامبالاة؟ سمات الخطاب الحالي وقدرته على التأثير والتكيف مع التغيرات والتحولات؟
 
🔸بعد أن أتَم الأساتذة الكِرام تعقيباتهم وإضافاتهم القيمة التي ساهمت في إثراء مسرى النقاش، حاول طالب الدكتوراه [نبيل دردار] الإجابة عن بعض التساؤلات التي طُرحت بما يخدم السياق العام للجلسة :
▫️بدايةً، فيما يتعلق بالمصطلحات فإنّ المداخلين حاولوا استخدام مصطلحات دقيقة ذات دلالة معينة، فكما يذكر المناطقة في مبحث الحد، فالمصطلحات المستخدمة هي عبارة عن مجموعة معارف ومعانٍ ذات حمولة دلالية، علمية خاصة نختصرها في مصطلح يجمع تلك المعاني ويمنع دخول غيرها فيها.. فهي للدقة والتمييز بالدرجة الأولى، بالإضافة إلى أنّها ليست مصطلحات ذات مرجعية ذاتية بل هي مصطلحات مستخدمة ودارجة ضمن حقول دوائرها المعرفية.
▫️أما في ما يتعلق بتحديد نوع الدراسة ونمطها، فإنّ الطرح في المداخلة يختص إشكالية معينة متعلقة بظاهرة خاصة ونحاول الإجابة عنها من خلال تحليل تلك الظاهرة وتفكيكها ومحاولة الوصول والكشف عن أسبابها الحقيقية (الموضوعية) مستدلين في ذلك بالدراسات الميدانية التي تعضد طرحنا.
▫️كذلك أشار أنّه من الواجب محاولة إصلاح ما نراه انحرافاً في المجتمع، فهذا ما تتطلبه المسؤولية الأخلاقية، فعلينا أن نفرق بين الوصاية كنوع من محاولة فرض آراء ووجهات نظر خاصة للسيطرة على المجتمع وبين المسؤولية الأخلاقية اتجاه المجتمع.
▫️ختاماً، وفي سياق الحديث عن العقلانية والوعي الذي يمتلكه الأفراد ضمن المجتمع… الطبيعي أنّ البشر يمتازون بعقل ووعي يسمح لهم بممارسة حياتهم بحسب ما تقتضيه مصالحهم (بغض النظر عن نوعية تلك المصالح)، ولكن هل تلك العقلانية وذلك الوعي كافيان أو هل هما ما سيسمحان لذلك المجتمع بإنتاج حركة حضارية؟ فالحديث ليس عن وجود عقلانية ووعي بقدر ما هو حديث عن نوعية تلك العقلانية وما تتطلبه لإنتاج حركية حضارية.. وكتساؤل ملخص عن المجتمع، أجمل طرحه بسؤال: هل المجتمع فعلا بخير؟ وهل المجتمع محافظ حقيقة على قيمه ومبادئه؟

mohamedbml28@gmail.com

مقالات أخرى

لا توجد تعليقات بعد

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *