منذ 6 أشهر مضت 1 دقيقة للقراءة

منطلقات الاهتمام بالشَّأن الفكري

كان افتتاح الجلسة الأولى للملتقى تحت عنوان “منطلقات الاهتمام بالشَّأن الفكري” بداية مع الأستاذ محمد نور الاسلام بن عباس وورقته المعنونة ب”النّموذج الإصلاحي الحياتي: بين ضرورة الوجود وموانع التَّحقق” أين حاول المداخل الإشارة إلى نقطة مهمة وهي ضرورة إنشاء الإنسان تصوّرًا عمَّا يجب أن يكون عليه أو بعبارة أخرى النموذج الغائي الحياتي وهو مجموعة من التصوّرات المُنتجة للسِّلوك، يحاول الفرد من خلالها تشكيل نموذج لغايته في الحياة.

هذا النموذج يستند إلى مجموعة من الأبعادة المفاهيمية والتي ذكر منها:

🔹 التّطابق: فتكوين تصوّر عمّا يجب أن يُسعى إليه يكون من خلال تمثّل المفاهيم النَّظرية والعملية معًا.
🔹الإصلاحيّة: النموذج لا يهتم فقط بالبُعد الفردي بل يتم عبر نقل الإنسان تجربته الإصلاحية إلى غيره عبر تتابعية منطقية.
🔹الرّغبوية: النموذج يسعى إلى تقدير تصوّر عمّا يجب أن يكون ولا يقتصر على ما هو موجود.
🔹الإلتزام: فالنموذج يُوجب إلتزام الفرد بقضية مجتمعه وثقافته على أن لا يتحول ذلك إلى غوغائية شعبوية.
🔹التفكير النقدي: ضرورة إكتساب ملكة التفكير والنقد وليس مجرد التركيز على المُعطى المعرفي.
ينتقل المحاضر بعدها إلى ذكر المُسلّمات الفلسفية التي يستند عليها النّموذج وهي:
▫️الإصلاح الاجتماعي: يقول مالك بن نبي أن مشكلة الحضارة هي مشكلة الإنسان، فالتغيير الاجتماعي يحتاج إلى بنيات إجتماعية والتغيير الفردي لا يتحوّل إلى أثر اجتماعي إلا إذا تحوّل في ذاته إلى بنية وهذا عبر مبدأ القدوة.
▫️ الذات الفاعلة: والناتجة عن الحوارية بين الذات المُتخيلة؛ وهي مجموع تصوّرات الإنسان عن ذاته؛ والذات الاجتماعية التي هي مجموع البنيات الإجتماعية التي تؤثر على تلك التصورات والتي لا يمكن للإنسان أن يتحرر منها تحررًّا كاملًا.
وما دامت البنيات هي المبدأ الأساسي للنموذج فإن تشكيل الإصلاح الاجتماعي لا يقوم ألا بتصحيح إنفصالية المفاهيم التالية:
🔸 الإنفصال بين النّضج والمسؤولية: فغياب الفاعلية الاجتماعية في مرحلة المراهقة بسبب إلزامية التعليم النظامي إلى جانب المحاولات الغربية في تحليل مرحلة المراهقة وصياغة مفهومها، جعل المراهق كائنًا إعتماديًّا لا مسؤولًا، يتصف بحالة من العطالة الفكرية التي تحول دون تشكيل نموذج غائي حياتي.
🔸 إنفصال الإنسان عن الثقافة: ويُقصد بالثقافة هنا المفهوم الثقافي للدين حيث أدّى مفهوم التمايز العلماني إلى فصل الدين وجعله قطاعًا خاصًّا لا يتجاوز إلى القطاعات الأخرى.
🔸 إنفصال التعليم عن التفكير: فالتعليم لا يُحفّز على التفكير واكتساب ملكة النّقد، والمُصلح الذي يعجز عن فهم واقعه ونقده سيتحول لرجل سياسي شعبوي بعيد عن التفاعل مع إشكالياته والسعي في حلها.
🔸إنفصال المثقف عن التأثير: فمفهوم المثقف يجمع بين إنتاج المعرفة وتفعيلها بالدفاع عن القضايا العامة لمجتمعه.
ويختم المُحاضر ورقته البحثية قائلًا أنّ تفكك هذا النموذج ناتج عن فلسفة ما بعد الحداثة المُنادية بتجاوز الحقيقة مما أدّى إلى ظهور القدوات الهشة كظاهرة المؤثرين في السوشل ميديا والتي تلغي حاجتها للقيمة الفكرية في صناعة نموذجها الحياتي.

mohamedbml28@gmail.com

مقالات أخرى

لا توجد تعليقات بعد

أضف تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *