واقع النخب:
حاول المتناقشون تعريف النخب وإظهار تمايزها عن المتخصص أو المتعلم الأكاديمي من خلال تكريس علمها لخدمة المجتمع والمساهمة في صياغة وخلق حراك ثقافي، ثم التساؤل عن واقع النخب في الجزائر وهل تمكنت من أداء أدوارها التاريخية خاصة بعد الاستقلال، في ضوء وجود ازدواجية لم تنحصر فقط في الجانب اللغوي بين كتلة معربة وأخرى مفرنسة، بل تعدته إلى تشكيل ساحات صراع في ميادين متعددة تعليمية وإدارية واقتصادية، تعود جذور تشكلها إلى الجهود الاستعمارية الفرنسية في خلق أبارتايد لغوي، انتقل إلى الشعب الجزائري الذي تبنى من حيث يدري أو لا يدري نفس نظام الابارتايد اللغوي حتى داخل الثورة نفسها، ولم يحمل الاستقلال معه جديدا إذ عمق النظام بقراراته هذه الازدواجية من خلال سن قوانين وإرضاء المعربين بقرارات تدعم التعريب لكنها لاتجد طريقها للتطبيق إذ تلقى الكثير من المعيقات مع تمركز الفرنكفونيين في مناصب حساسة وقادرة على صناعة وتشكيل القرار. المداخلة طرحت العديد من الأسئلة المهمة، عن تعثر مسار التعريب بعد الاستقلال، أسباب عدم حسم ملف الهوية بعد الاستقلال، وظاهرة هجرة النخب وتداعياتها على الشأن الجزائري

يرى الأستاذ سعيدوني أن اللغة عند كل أمة هي مظهر من مظاهر السيادة الأساسية، بيد أن الإدارة الجزائرية لم تأخذ استرجاع الهوية اللغوية كقضية أساسية، بل تم تسريع تكوين الإطارات بالفرنسية، والنتيجة: نخب متعصبة لامتيازاتها الاقتصادية من خلال اصطفافها اللغوي، مقابل عامة الشعب المتمسك بهويته ولغته.


دار النقاش حول الفرنكوفونية كأداة تموقع أيديولوجي وهيمنة ثقافية لمحاصرة عملية التعريب من خلال طرح إشكالية؛ هل الفرنسية غنيمة حرب أم حصان طروادة؟ وما يرتبط بهذه الإشكالية من مآلات التعريب وواقع الازدواجية التي تعيشها الجزائر في ظل غياب مشروع ثقافي وطني، وكذا حول مكانة عملية استعادة الوعي بالذات واكتساب المناعة الحضارية في معادلة بناء الدولة وتشكل المجتمع الجديد، كما تحدثنا عن جدلية عملية التعريب في التعليم والإدارة والحياة العامة، التي تقوم على العلاقة بين العربية كلغة وحدة وسيادة وأصالة، والفرنسية كإرث استعماري وأداة تحكم وجب وضعها في مكانها الطبيعي وتحديد مجالها كلغة أجنبية رافدة للعربية التي يمكن أن تـستفيد منها لتحقيق التطور والرقي.


لا توجد تعليقات بعد